مقدمة
"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجاً * قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدا " الكهف 1 :3
و أشهد أن لا إله إلا الله جعل القرآن الكريم تبياناً لكل شئ و منطلقاً لكل خير و حصناً ودفعاً و مواجهة لكل شر " إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" الأسراء 9
و أشهد أن سيدنا محمداً عبده و رسوله أنزل عليه القرآن الكريم ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، اللهم صل و سلم وبارك و أنعم على عبدك و رسولك سيدنا محمد صلي الله عليه و سلم صاحب هذا المقام المحمود و الحوض المورود و الشافعة العظمي يوم يقوم الناس لرب العالمين
وبعد:
* * * فمن أجل النعم التي أنعم الله بها على الإنسان نعمة إرسال الرسل إليهم و على رأسهم خاتمهم سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم لتحديد طرق التفكير السليمة في كل مجالات الحياه و ليبينوا لهم ما يجب وما يستحيل و ما يجوز وما هو حلال أم حرام في كل مجال من مجالات الحياه المختلفة.
" كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ" البقرة 213
" رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً " النساء 165
* * *فدعوا الناس إلى الله تعالي و بلغوا دعوته إليهم" وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ" الأنبياء 25
وتحمل رسول الله صلي الله عليه و سلم تبعات الرسالات السابقة وورث و تحمل أعباء تبليغ رسالة الله إلي البشرية كلها و حمّلها صلي الله عليه وسلم للمسلمين من بعده.
" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ" يوسف 108
* * * لقد تحمل المسلمون من بعده صلي الله عليه وسلم تبعات تبليغ دعوة الله تعالي إلى العالم أجمع و تلك ميزة ربما قد تكون خاصة بهم دون غيرهم من أتباع الرسل السابقين- كل على حسب درجته " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا" فاطر 32
"وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" آل عمران 104
و المؤمنون بدينهم يحبون أن يتعدي خيرهم إلى غيرهم و خير ما يقدمونه إلى غيرهم هو دعوتهم إلى الله سبحانه و تعالي و بذلك أصبحت الدعوة تبليغاً و سلوكاً من آجل و أفضل القربات التي يتقرب بها الدعاه إلى الله تعالي.
"وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ" فصلت 33
فخرج المسلمون يبلغون دعوة الله تعالي للبشرية كلها فكانوا مفاتيح خير يفتح العباد و البلاد ومشاعل نور يضيئ للبشرية الطريق المستقيم فأزالوا جهالة العالم وبثوا فيهم روح الأيمان و نشروا فيهم العدل و أخوة الأيمان
ولكـــن
هل ترك أعداء أنفسهم – أعداء الحق – دعاة الحق ينشرون نور الإيمان و الحق و العدل؟
الإجابة للأسف - بالنفي – لا –
* لقد واجه تيار الإلحاد و أهل الباطل دعوة الحق و دعاة الخير فوضوعوا أمام الدعوة الإسلامية و دعاتها العراقيل و العوائق و استخدموا ما عن لهم من أسلحة مادية أو معنوية.
لقد واجهوا الدعوة الأسلامية و دعاتها بأساليب متعددة ووسائل خبيثة متنوعة مرة بالتشكيك وأخري بالمهادنة و ثالثة بالإحتواء و الإذابة ورابعة بالإنحراف بالدعوة الإسلامية إلى طريق غير طريقها الإلهي المحدد لها تمهيدا للانقضاض عليها و تدميرها.
فهب الدعاة إلى الله لوضع برامج و تخطيط المناهج لمواجهة كل هذا و غيره تتناسب مع الذاتية الإسلامية و مع متطلبات وسائل العصر و منطلقات و نوعية الفكر، لأن الدعوة الأسلامية بيان و تثبيت و دفاع و هجوم. فهي بذلك منهاج رباني المصدر أرضي الوظيفة حركي إيجابي له هدف وغاية.
من هنا جاءت فكرة هذا الكتاب..
بيان المنهاج الفكري – الصحيح السليم – للداعية المسلم بقدر الإمكان و المستطاع. ثم بيان أثر هذا المنهاج فكراً و سلوكاً في قضايا العصر و قضايا الفكر الإنساني و قضايا المجتمع.