خيانة المستشرقين للمنهج العلمي 1
المنهج المعكوس "القلوب":
من أهم شروط المنهج : التجرد من الأهواء، وعدم الوقوع تحت سلطانها، فلا يميل الهوي بالباحث لإثبات ما يوافق هواه، ونفي ما عداه.
* فما بالنا بالذي يحدد الغرض أولاً، والنتيجة "مسبقاً"، ثم يبدأ في البحث عما يؤيدها والتنقيب عما يثبتها، فهذا ليس علماً، وليس بحثاً مهما كان صورته، ومهما كا مشكله.
وهذا ما يلتزم به المستشرقون ويطبقونه في مناهجهم في الدراسات الإسلامية، فهم يحددون لهم غاية، ويقررون في أنفسهم تحقيق تلك الغاية بكل طريق وسبيل، ثم يقومون بجمع معلومات لها من كل رطب ويابس – ليس لها علاقة بالموضوع، سواء من كتب الأديان، أو التاريخ، أو الأدب والشعر أو الرواية، والقصص والمجون والفكاهة، حتي وإن كانت هذه المواد تافهة لا قيمة بعد التمويه بكل جراءة ويبنون عليها نظريات، لا يكون لها وجود إلا في أنفسهم وأذهانهم.
فالمستشرق يبدأ بحثه وأمامه غاية حددها، ونتيجة وصل إليها مقدماً، ثم يحاول أن يثبتها بعد ذلك، ومن هنا يكون دأبه، واستقصاؤه الذي يأخذ بأبصار بعض الباحثين، وهو في الحقيقة يتعب، ويشقى، ويكد لينحي ما يهدم فكرته ويكذب ويدحض رأيه، ويخفي ويطمس ويمحو ويتجاهل كل ما يسوقه إلى نتيجة غير التي حددها سلفاَ.
ومن هنا تأتي أبحاثهم عليها مسحة الغناء والإستقصاء، ولكنه عناء الإلتواء، واستقصاء من يجمع من لا شيئ شيئاً ويصنع من الهباء بناء ويبني من الغبار صرحا.
يقول المرحوم الشيخ محمود شاكر، عن هذا الخطر والخلل المنهجي "وأما الأهواء فهي الداء والشر المستطير، والفساد الأكبر، إن هو ألم بأي عمل إلمامه خفيفة الدبيب، يله الوطء المتثاقل، أحاله إلى عمل مستقذر منبوذ كريه، حتي ولو جاءك هذا العمل في أحسن ثيابه، وحليه، وعطوره، وأتمها زينة من دقة استيعاب و تمحيص، ومهارة، وخدمة وذكاء".
هذا الشر المستطير والخطر الوبيل، حذر منه علماؤنا الأقدمون منذ أكثر من ألف عام، حين قننوا قواعد المنهج، وحددوا أركانه ووضحوا شروطه وخصوا هذه القواعد بكتب دونوها ورسائل خاصة بها سطروها.